قطر ونفاذ الصبر

أحمد السياف

 

 

 صحيفة 24 الاماراتية

على حبال متأرجحة تمضي قطر مشوارها نحو المصير المجهول بالنسبة لها، والمعلوم لدى العالم، فمصير قطر واضح جداً لمن يعرف ماهية الدول التي سارعت بالتقاط قطر، وجهّزت لها حصاناً مزيّناً وسرجاً مزيّفاً، وصورت قطر بصورة الفارس المغوار، فمثل هذه الدول لها مطامع معروفة ومكشوفة، فمنهم من أراد اختراق العالم العربي من خلال بوابة قطر ظناً بأنها شفيع رفيع المقام وطرف يستأنس به.

أما سياسة قطر المتقلبة التوجهات والمتلونة بجميع الألوان، فبعد دخول ميدان" الشحاتة" السياسية والإعلامية اليوم تستعرض عضلاتها الوهمية للاستقواء بها أمام أشقاء لم يتعرضوا في يوم من الأيام لها أو لغيرها بأي شكل من أشكال الأذى سواء كان قريباً أو بعيداً، وإن عدنا إلى أساس المشكلة بين دول المقاطعة ودولة قطر سنجدها مشكلة أمنية بحت وليست عسكرية، فبدلاً من استثمار الوقت والمهلة الممنوحة لقطر في البحث حول المطالب وإيجاد حلول فعّالة للخروج من الأزمة، بدّدت قطر هذا الوقت في توقيع اتفاقيات حماية وبناء قواعد عسكرية أجنبية دون مبرر مقنع، إلا إذا أردنا تفسيره بأن قطر تخوفت بأن ينقلب عليها ما كانت تنوي به ضد دول الخليج والذي كانت تمارسه بشكل مبطن وباتت تمارسه بشكل علني.

وعودة للحبال المتأرجحة والمثبتة على ثلاث أعمدة خليجية تبدأ من المملكة العربية السعودية، مروراً بالإمارات العربية المتحدة وتنتهي عند مملكة البحرين، فهذه الأعمدة إن أرخت الدول الثلاث يدها وتركت الحبال ستسقط قطر حتماً، وبالتأكيد ستكون سقطتها على صفيحة ملتهبة، وإن أردنا وصفها بأقل من ذلك هي أرض سوداء محروقة لن يحتملها شعبها المسكين، ولن يحاول أحد ممن أوهم قطر بأنها على حق الوقوف بجانبها لأن المصالح ستكون قد انتهت والمعين قد نضب، وحان البحث عن غيره ليكون مصدر رزق للمتملقين، أرضية لم تبنها دول الخليج، بل وجدتها محروقة سوداء بفعل فاعل عن قصد من البعض وجهل من البعض الآخر، وحاولت دول الخليج أن تعيد الحياة إلى هذه الأرضية بسقيها وزرعها بورود الحب وزهور السلام، وأبت أرضية الإرهاب أن تقبل بذورها وماءها العذب، كونها تشبعت من الدماء والأشلاء المحللة بداخلها، أرض الفتنة وأرض الطائفية وأرض تدعو أبناءها للقتال فيما بينهم بأوهام مختلقة حتى يشيع بينهم التفرق والشتات، أرض تسير على حبالها المعلقة، غير آبهة بنداءات الخليج العربي وغير مقدرة للجهود الجبارة التي تبذلها هذه الدول في مسك الحبال وتثبيت الأوتاد خشية من وقوع قطر والولوج في مصير مجهول .

مع أن مصير قطر أصبح واضحاً وجلياً للعيان ونراه من خلال ما آل إليه مصير اقتصادها من خلال نزول عملتها وانهيار اقتصادها وهو الشيء الوحيد الذي تعول عليه قطر للاستمرار في هذه الحياة، فبعد ضعف الاقتصاد ونضوب مصادر الدخل وضعف الريال القطري تنتهي قطر فعلياً، ومن بداية الأزمة شاهدنا كيف كان الارتباك الحكومي في السوق القطري وإرسال طائرات يومية لتوفير زجاجة اللبن وعلبة الحليب! فإن كانت قطر غير قادرة على توفير حاجيات شعبها الأساسية ومطالبه اليومية، فكيف ستستمر واقتصادها دخل عتبة التدهور الفعلية؟ 

ما زال البيت الخليجي مشرعاً أبوابه ولكن عذراً يا قطر بعد أقل من ثمانية وأربعين ساعة سيضطر هذا البيت لإغلاق نوافذه وأبوابه معلناً شعار الداخل مولود والخارج مفقود، نعم مفقود.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *